ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}، أي: ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، يريد عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، قال ابن عباس والمفسرون كلهم (١)، ومعنى ضِعفِ العذاب: ضِعفُ ما يعذب غيره.
قال أبو إسحاق: لأنه نبيّ يضاعف له العذاب على عذاب غيره لو جنى هذه الجناية؛ كما قال: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠] لأن درجة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ودرجة آله الذين وصفهم الله فوق في درجة غيرهم (٢)، قال ابن عباس: ورسول الله معصوم، ولكن هذه مخاطبة لأمته لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين في شيء من أحكام الله وشرائعه (٣).
٧٦ - قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ﴾ الآية. قال قتادة: هَمَّ أهلُ مكة بإخراج نبي الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة، ولو فعلوا ذلك ما نوظروا؛ ولكن الله كَفَّهم عن إخراجه (٤) حتى أمره الله بالخروج، ولَقَلَّ ما

(١) ورد في "تفسير مقاتل" ١/ ٢١٨ أ، بنصه، وأخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٨٣ بنصه عن قتادة، و"الطبري" ١٥/ ١٣١ بنصه عن ابن عباس من طريق العوفي (ضعيفة)، وعن قتادة ومجاهد والضحاك، وورد بنصه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٧٩، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٧٩، عن ابن عباس ومجاهد وأبي الشعثاء، و"تفسير الثعلبي" ٧/ ١١٥ ب، والماوردي ٣/ ٢٦٠، و"الطوسي" ٦/ ٥٠٦ في الأخيرين عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥٤، بنصه تقريبًا.
(٣) انظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ٣٠٠، و"أبي حيان" ٦/ ٦٥، وحمل الآية على ظاهرها أولى، ولها نظائر في القرآن وهو ما أشار إليه "الطبري" ١٥/ ١٣١، و"البغوي" ٥/ ١١٢، و"القرطبي" ١٠/ ٣٠١
(٤) في جميع النسخ. إخراجهم والصواب ما أثبته؛ لأن الضمير يعود على الرسول -صلى الله عليه وسلم-.


الصفحة التالية
Icon