قال أبو علي: إذا كان المصدرُ الكسْفَ، فالكسْفُ (١): الشيء المقطوع؛ كما يقال في الطَّحْن والطِّحْن، والسَقي والسِّقي (٢)، ويؤكد هذا قوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا﴾ [الطور: ٤٤]، وذكر الزجاج وجهاً ثالثًا، فقال: من قرأ كِسْفًا فكأنه قال: أو تسقطها طبَقًا علينا، واشتقاقه من كَسَفْتُ الشيء إذا غَطَّيته (٣)، ومن فتح السين فهو جمع كِسْفَةٍ مثل قِطْعَةٍ وقِطَعٍ، وسِدْرَةٍ وسِدَرٍ، وهو نصب على الحال في القراءتين جميعًا، كأنه قال: أو تسقط السماء علينا مقطعة (٤).
قال ابن عباس في قوله: ﴿كِسَفًا﴾: قطعًا (٥)
وقال مجاهد: السماء جميعًا (٦)، وهذا على قراءة من سَكَّن السين، ومعناه كما قال الزجاج: طبقًا، أو كما قال أبو علي: قطعة واحدة.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا﴾ ذكروا في هذا ثلاثة أقوال: قال ابن عباس في رواية الضحاك: عيانًا (٧)، وهو قول قتادة وابن

(١) في جميع النسخ: (والكسف) بالواو عطفًا، والصواب ما أثبته من المصدر بالفاء؛ لأنه جواب شرط قرن بالفاء.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ١١٩، بنصه.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥٩، بنصه.
(٤) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ١٢٠، بنحوه
(٥) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٦١ بلفظه من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، ومن طريق العوفي (ضعيفة)، وورد بلفظه في "تفسير الماوردي" ٣/ ٢٧٣، و"الطوسي" ٦/ ٥١٩.
(٦) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٧٠، وأخرجه "الطبري" ١٥/ ١٦١ بنصه من طريقين، انظر: "تفسير ابن عطية" ٩/ ١٩٦
(٧) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٨٧، أورده السيوطي "الدر المنثور" ٤/ ٣٦٧ وعزاه إلى ابن أبي حاتم.


الصفحة التالية
Icon