على هذا واحدٌ أريد به الجمع، وقد جاء [فعيل مفردًا] (١) يُراد به الكثرة، كقول رؤبة:
دَعْها فما النَّحْوِيُ من صديقِها (٢)
وكقوله تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ (٣) [النساء: ٦٩]، واختار أبو علي أن يكون معناه المعاينة، قال: إذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدرًا كالنذير والنكير، قال: ولو أريد به الكفيل لكان خليقًا أن يجمع على فعلاء كما قالوا: كفلاء؛ لأنه في الأصل صفة وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، قال: ويدل على أن المراد بالقبيل المعاينة لا الكفيل قوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا﴾ [الفرقان: ٢١]، وكما اقترح ذلك غيرهم في قوله: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]، وقد مرّ (٤).
٩٣ - قوله تعالى: ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾ قال المفسرون: كان فيما اقترحوا من الآيات أن يكون له جنان وكنوز وقصور من ذهب، فذلك قوله: ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة

(١) ما بين المعقوفين من (ش)، (ع) وفي (أ)، (د): (فصل مفرد).
(٢) "ديوانه" ص ١٨٢، وورد في "جمهرة اللغة" ٢٠/ ٦٥٦، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ١/ ٢٩٥، و"الأغاني" ٢٠/ ٣٦٧، و"أساس البلاغة" ٢/ ١١، و"شرح شواهد الإيضاح" ٥٧٣، و"اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٦، (صدق) ٤/ ٢٤١٨، و"تخليص الشواهد" ص ١٨٤.
والشاهد: أنه قال من صديقها: أي من أصدقائها، فهو مفرد وقع موقع الجمع.
(٣) قال الواحدي -رحمه الله-: قال الفراء: وإنما وحّد الرفيق وهو حقه الجمع؛ لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع.
(٤) "الحجة للقراء" ٣/ ٣٨٦، بنصه تقريبًا.


الصفحة التالية
Icon