فيعبدونهما ولا يعبدون الله، وقرأ نافع بكسر النون (١).
ووجهه ما ذكرنا في قوله: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤] المعنى على هذه القراءة ما رواه عطاء عن ابن عباس، قال: يريد تنازعوني فيهم وتتخذونهم أولياء من دوني، وعلى هذا معنى مخالفتهم الله في الشركاء (٢) مخالفتهم أمر الله؛ كما ذكرنا في قوله: ﴿شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأنفال: ١٣٠].
وقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ قال ابن عباس: يريد الملائكة (٣)، وقال آخرون: هم المؤمنون (٤)؛ يقولون حين خزى الكفار في القيامة: ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ﴾: عليهم لا علينا.
٢٨ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي﴾ ذكرنا معنى هذا في سورة النساء.

(١) أي: ﴿تُشاقُّونِ﴾ مع الكسر التخفيف. انظر: "السبعة" ص ٣٧١، و"علل القراءات" ١/ ٣٠٣، و"الحجة للقراء" ٥/ ٥٩، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٤، و"التيسير" ص ١٣٧، و"المُوضح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٣٤.
(٢) في (أ)، (د): (الشرع)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهو المناسب للسياق والمعنى.
(٣) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٤١، والفخر الرازي ٢٠/ ٢٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٩٨، و"تنوير المقباس" ص ٢٨٤، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣٣، والزمخشري ٢/ ٣٢٧، وابن عطية ٨/ ٤٠٢، والخازن ٣/ ١١٢، وهذا التفسير فيه نظر؛ فالملاحظ أن القرآن يصف البشر بالعلم لا الملائكة، كما في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١]، وقوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ١٨]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الإسراء: ١٠٧].
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٥/ ١٦، وابن عطية ٨/ ٤٠٢، وابن الجوزي ٤/ ٤٤١، والفخر الرازي ٢٠/ ٢٠، والقرطبي ١٠/ ٩٨، والخازن ٣/ ١١٢.


الصفحة التالية
Icon