أي لو عَلِقَ غيْرَكُمْ، والخطاب في هذه الآية للمشركين، قال ابن عباس: ﴿قُلْ﴾: يا محمد (١)، ﴿لَّوْ انتُمْ﴾: يا معشر المشركين، ﴿تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي﴾ يريد خزائن الرزق، ﴿إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ﴾ يريد إذا لبخلتم.
قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شُحًّا وبُخْلاً، قال: وهذا جواب لقولهم: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ (٢) يريد أنهم طلبوا عين ما في بلدهم ليكثر مالهم ويتسع عيشهم، فأعلمهم الله أنهم لو ملكوا الكثير لبخلوا؛ لأنهم جُبِلوا على الإمساك، والبخيل لا ينفعه كثرة المال.
وقوله تعالى: ﴿خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ﴾ خشية منصوب على أنه مفعول له.
قال ابن عباس: خشية الفقر (٣)، وقال قتادة: خشية الفاقة (٤).
قال أبو عبيدة: يقال: قد أملق الرجل إملاقًا، وأنفق إنفاقًا، إذا قَلّ ماله (٥).
(١) ورد بلا نسبة في "تفسير الطبري" ١٥/ ١٧٠، و"الطوسي" ٦/ ٥٢٥.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦١، بنصه مع تقديم وتأخير.
(٣) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٧٠ بلفظه من طريق الحجاج عن ابن جريج (صحيحة)، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٩٨.
(٤) أخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٩٠ - بلفظه، و"الطبري" ١٥/ ١٧٠ بلفظه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٩٨ - بمعناه، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٧٦ - بمعناه، و"الطوسي" ٦/ ٥٢٥ - بمعناه، أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٦٩ - ٣٧٠، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٢٠٨ وعبارته: ﴿مِنْ إِمْلَاقٍ﴾: من ذهاب ما في أيديكم؛ يقال: أملق فلان؛ اي ذهب ماله.