وقوله تعالى: ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ﴾ قال ابن عباس: استسلموا وأقروا لله بالربوبية (١)، وقال السدّي: انقادوا واستسلموا عند الموت (٢).
قال الزجاج: ذكر السَّلَمَ، وهو الصلح، بإزاء المشاقة (٣)، يريد أن الله تعالى أخبر عنهم بالمشاقة في الدنيا، فأخبر أنهم عند الموت ينقادون ويتبرؤون من الشرك، كما ذكره ابن عباس.
وقوله تعالى: ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ أي قالوا: ما كنا نعمل من سوء، قال ابن عباس: يريد الشرك (٤)، فقالت الملائكة ردًّا عليهم وتكذيبًا لهم: ﴿بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [من التكذيب والشرك، ومعنى (بلى): رد لقولهم ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾، وقد ذكرنا معنى (بلى)] (٥) عند قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢١٠].
٢٩ - وقوله تعالى: ﴿فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد مقام المتكبرين عن التوحيد وعبادة الله عز وجل (٦)، كقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الصافات: ٣٥].

(١) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٢٠، وورد بنحوه غير منسوب في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٦٤، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٩٩.
(٢) ورد بنحوه غير منسوب في "تفسير الطبري" ١٤/ ٩٩، والسمرقندي ٢/ ٢٣٣، والثعلبي ٢/ ١٥٦ أ، والبغوي ٥/ ١٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٥، بنحوه.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٨٤، بنحوه، وورد نحوه غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣٣، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٨٦، والبغوي ٥/ ١٧، وابن عطية ٨/ ٤٠٤ وابن الجوزي ٤/ ٤٤٣، والفخر الرازي ٢٠/ ٢١، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٩٩.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (د).
(٦) ورد نحوه غير منسوب في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٢ أ، والطبري ١٤/ ٩٩ بمعناه غير منسوب، والفخر الرازي ٢٠/ ٢٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٠٠.


الصفحة التالية
Icon