٣٠ - قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ قال ابن عباس: يريد الذين خافوا الله وصدقوا نَبِيَّه وأيقنوا أنه لا إله غيره، ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ قال المفسرون: هذا كان في أيام المواسم، يأتي الرجل مكة فيَسأل المشركين عن محمد وأمره، فيقولون: إنه ساحر وكاهن وكذاب، (فيأتي المؤمنين ويسألهم عن محمد وما أتى به من الكتاب وما أنزل الله عليه، فيقول) (١) المؤمنون خيرًا (٢)، قال ابن عباس: يريد ثوابًا؛ يعني أنهم إذا سُئلوا عن ما أنزل الله على محمد، قالوا: أنزل عليه الخير عن ثواب المحسن، فقالوا: أنزل ثوابًا، أي ذِكْرَه، ولهذا نصب خيرًا؛ لأنه على معنى أنزل خيرًا، ويكون هذا على أن (ما) و (ذا) كالشيء الواحد، والمعنى: أيُّ شيءٍ أنزل؟ ﴿قَالُوا خَيْرًا﴾ على جواب ماذا، أي: أنزل خيرًا، ثم فَسَّرَ ذلك الخير؛ فقال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة﴾ قال ابن عباس: يريد: قالوا: لا إله إلا الله (٣)، وهذا على أن قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ إخبارًا عن الله تعالى، أخبر أن من أحسن في الدنيا فله جزاء ذلك عند الله حسنة، قال ابن عباس: يريد مضعفة بعشر (٤)، ودلّ بهذا على أن الذي قاله المؤمنون (٥)
(٢) "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٢ أ، بنحوه، والثعلبي ٢/ ١٥٦ أ، بنحوه، وانظر: الزمخشري ٢/ ٣٢٧، وابن الجوزي ٤/ ٤٤٣، والفخر الرازي ٢٠/ ٢٣، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٠٠، والخازن ٣/ ١١٣.
(٣) ورد غير منسوب في "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٤٣.
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٥/ ١٧، بنحوه، وورد غير منسوب في "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٢٤.
(٥) في جميع النسخ: (للمؤمنين)، وهو خطأ أدى إلى اضطراب المعنى، وبالمثبت يستقيم الكلام، ويؤيده ما ورد في المصدر.