هُنَالِكَ} [ص: ١١]، و ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ [المؤمنون: ٤٠]، و ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ [نوح: ٢٥]، و ﴿تَدْعُونَ﴾ في موضع جزم بأي؛ لأنه من حروف الشرط والجزاء، يقول: أيّهم يعط أعط، وعلامة الجزم في تدعوا سقوط النون التي تثبت للرفع في يفعلون، وجواب الشرط (الفاء) في قوله: ﴿فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ روى سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سَبُّوه وسَبُّوا من جاء به، فأوحى الله إليه: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ فيسمعه المشركون فيسبوه، ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ فلا يسمع أصحابك، ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾، أي: أسمعهم القرآن أحيانًا يأخذوا عنك) (١)، وهذا قول قتادة والسدي (٢)، واختيار أبي إسحاق، قال: المخافتة: الإخفاء، والجهر: رفع الصوت.
وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا جهر بالقرآن سبّ المشركون القرآن، فأمر الله أن لا يعرّض القرآن لسبهم، وأن لا يخافت مخافتةً لا يسمعها من يصلي خلفه من أصحابه فقال: ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾، أي اسلك طريقًا بين الجهر

(١) أخرجه بنحوه من طريق سعيد: أحمد ١/ ٢٣، والبخاري (٤٧٢٢) كتاب التفسير، باب ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾، ومسلم (٤٤٦) في الصلاة، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية، و"الطبري" ١٥/ ١٨٤ من طرق، والطبراني في "الكبير" ١٢/ ٥٥، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٢٠٧، و"تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٣ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٨١، وأخرجه المؤلف في "أسباب النزول" ص ٣٠٣، بنحوه.
(٢) أخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٩٢، بنحوه عن قتادة، و"الطبري" ١٥/ ١٨٦، بنحوه من طريقين عن قتادة.


الصفحة التالية
Icon