الدال، فإذا خففت على ضربين أحدهما: أن تحذف (١) الضمَّة من الدال فيقال: لدن. والآخر: أن تحذف الضمة من الدال وتنقل إلى اللام، فيقال: لدن، مثل: عضد، وفي كلا الوجهين يجتمع في الكلمة ساكنان: الدال المنقول عنها الحركة، والمحذوفة منها مع النون. فأما قراءة عاصم: (من لَدْنِهِ) (٢) فالكسرة في النون ليست بجر، إنما هي كسرة للتقاء الساكنين، وذلك أن الدال أسكنت كما أسكنت في سبُعٍ، والنون ساكنة، فلما التقى ساكنان كسر الثاني منهما وأشمت (٣) الدال الضمة، لتدل على أنها كانت متحركة بها، كما قالوا: أنت تَغْزُين. وقولهم: قُيل، أشمت الكسرةُ فيهما الضمة، لتدل على أن الأصل فيهما التحريك بالضم، وإن كان إشمام عاصم ليس بحركة خرجت إلى اللفظ، وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة، ولو كانت حركة لم يلتق ساكنان ولم تكسر النون لاجتماعهما) (٤). وليس يحتمل هذا الموضع من الكلام في لدن أكثر مما ذكرنا، وما بقي نذكره عند قوله: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ [الكهف: ٧٦]، إن شاء الله.
(٢) من طريق شعبة عن عاصم.
انظر: "السبعة" (٣٨٨)، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٤، و"التبصرة" (٢٤٧)، و"الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٥٤.
(٣) الإشمام: إطباقك الشفين بعد الإسكان وتدع بينهما انفراجًا ليخرج النفس بغير صوت، وذلك إشارة للحركة التي ختصت بها الكلمة، ويكون في المرفوع والمضموم، ولا يعرف ذلك الأعمى؛ لأنه لرؤية العين. انظر: "التحديد في الإتقان والتجويد" ص ٩٨، و"البرهان في تجويد القرآن" ص ٦٦.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٤، و"البحر المحيط" ٦/ ٩٦، و"الدر المصون" ٧/ ٤٣٨.