﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ قال أبو إسحاق: (﴿مَا﴾ نصب، المعنى: واعتزلتم ما يعبدون إلا الله، فإنكم لن تتركوا عبادته) (١)، وذلك أنهم كانوا يشركون بالله فقال: اعتزلتم الأصنام ولم تعتزلوا الله ولا عبادته، وهذا قول الفراء وهو: (أن ﴿مَا﴾ اسم وليس بنفي) (٢).
وروى عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ قال: (يريد لم يعبد أصحاب الكهف إلا الله) (٣). وهذا يحمل على أن الله أخبر عنهم أنهم لم يعبدوا غيره، وعلى هذا لا يكون هذا حكايته قولهم؛ والقول ما قاله الفراء، والزجاج، وأهل التفسير (٤)، يدل على صحته ما روي أنه في مصحف عبد الله: (وما يعبدون من دون الله) (٥). وهذا يقطع يكون "ما" اسماً.
وقوله تعالى: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ قال الفراء: (هذا جواب "إذ" كما تقول: إذ فعلت كذا فافعل كذا) (٦)، ومعناه: صيروا إليه واجعلوه مأواكم.
﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ أي: يبسطها عليكم، ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ قال ابن عباس: (يسهل عليكم ما خوفكم من الملك وظلمه،

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٧٢.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٦.
(٣) ذكرت نحوه كتب التفسير بلا نسبة انظر: "المحرر الوجيز" ٩/ ٢٥٣، و"البحر المحيط" ٦/ ١٠٦، و"روح المعاني" ١٥/ ٢٢٠، و"فتح القدير" ٣/ ٢٧٣.
(٤) "جامع البيان" ٩٥/ ٢٠١، و"الكشاف" ٢/ ٣٨٢، و"زاد المسير" ٥/ ١١٦، و"معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٦، و"معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٧٢.
(٥) "جامع البيان" ١٥/ ٢٠٩، و"معالم التنزيل" ٥/ ١٥٦، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٥٣، و"زاد المسير" ٥/ ٨١، و "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٣٦٧.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٦.


الصفحة التالية
Icon