عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} قال ابن عباس: يريد في سابق علمي (١).
وقال الزجاج: أعلم اللهُ أنه بَعَثَ الرسلَ بالأمر بالعبادة، وهو من وراء الإضلال والهداية، وهذا يدل على أنهم لو قالوا: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا﴾ الآية، معتقدين لكانوا صادقين (٢)، ومعنى ﴿حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ﴾: وجب عليهم الكفر، كما قال: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠]، وكقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: ٩٦]، ثم قال: ﴿فَسِيرُوا﴾ الآية، أي: فسيروا معتبرين في الأرض بآثار الأمم المكذبة، فتعرفوا أن العذاب بإزائكم كما نزل بهم، ثم أكد أن من حقَّت عليه الضلالة لا يهتدي.
٣٧ - فقال -عز من قائل-: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ﴾ أي إن تطلب بجهدك ذلك، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾، أي: من يُضلُّه، فالراجع إلى الموصول الذي هو (مَنْ) محذوف مقدر (٣)، وهذا كقوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ [الأعراف: ١٨٦]، وكقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٢٣]، أي: من بعد إضلال الله إياه (٤)، وقرأ أهل الكوفة يَهْدِي بفتح الياء (٥)،
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٨، بتصرف يسير.
(٣) وهو الهاء المحذوفة، وتَقْديره: (يضلُّه).
(٤) انظر: "الحجة للقراء" ٥/ ٦٤، بنحوه.
(٥) وهم عاصم وحمزة والكسائي، انظر: "السبعة" ص ٣٧٢، و"علل القراءات" ١/ ٣٠٥، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٥٣، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٤، و"التيسير" ص ١٣٧، و"النشر" ص ٢/ ٣٠٤، قال الأزهري في "علل =