في عددهم) (١)، وهذا لا يتجه؛ لأن قوله: ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ﴾ إما أن يتعلق بقوله: ﴿أَعْثَرْنَا﴾، أو بقوله: ﴿لِيَعْلَمُوا﴾ على ما بينا. وإذا جعلنا التنازع في قدر المكث أو في العدد لم يصح المعنى، إلا أن يجعل تمام الكلام عند قوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهَا﴾، ثم يقول: ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ﴾، أي: اذكر يا محمد ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ﴾: مدة مكثهم، أو في عددهم فلا يتعلق بما قبله. ومنهم من قال: (هذا التنازع يعود إلى التنازع في البنيان، والمسجد)، يروى هذا عن ابن عباس (٢). يدل على هذا سياق الآية، وهو قوله: ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا﴾، يعني استروهم من الناس، قال ذلك المفسرون (٣).
وقوله تعالى: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾ يدل على أنه وقع تنازع في عدتهم، فمعنى: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾، أي: بعددهم كما قال: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٢]، ويحتمل أن هذا من قول الله ابتداء، ويحتمل أنه من قول بعض الناس الذين تكلموا في عددهم (٤).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ﴾ قال ابن عباس: (يريد المؤمنين الذين لم يشكوا في البعث). قال المفسرون: (هم تندوسيس الملك وأصحابه) (٥).
(٢) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "النكت والعيون" ٣/ ٢٩٦، و"معالم التنزيل" ٥/ ١٦١، و"زاد المسير" ٥/ ١٢٣، و"البحر المحيط" ٦/ ١١٣.
(٣) "الكشاف" ٢/ ٣٨٤، و"زاد المسير" ٥/ ١٢٣، و"تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٨٧، أي: سددوا عليم باب كهفهم، و"التفسير الكبير" ١١/ ١٠٥.
(٤) "البحر المحيط" ٦/ ١١٣، و"التفسير الكبير" ١١/ ١٠٥.
(٥) "معالم التنزيل" ٥/ ١٦١، و"الكشاف" ٢/ ١٨٤، و"زاد المسير" ٥/ ١٢٤، و"روح المعاني" ١٥/ ٢٣٦.