٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ مضى الكلام في هذا في سورة الأنعام [١٠٩]، قال ابن عباس: أغلظوا في الأيمان تكذيبًا منهم بقدرة الله على البعث بعد الموت (١)، فقال الله تعالى ردًّا عليهم: ﴿بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾، أي: لَيَبْعَثَنَّهم وعدًا عليه حقًّا، وهو مصدر مؤكد؛ أي وعدَ البعثِ وعدًا حقًّا لا خُلْفَ فيه؛ لأنه إذا قال يبعثهم دَلَّ على وعدٍ بالبعث وعدًا.
٣٩ - قوله تعالى: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ من أمر البعث، واختلافهم فيه: ذهابهم إلى خلاف ما ذهب إليه المؤمنون، واللام في قوله: ﴿لِيُبَيِّنَ﴾ متعلقة بالبعث، المعنى: بلى يبعثهم ليبين لهم، قال الزجاج: ويجوز أن تكون متعلقة بقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا﴾، (ويكون المعنى: بعثنا في كل أمة رسولاً) (٢)؛ ليبين لهم اختلافهم وأنهم كانوا من قبله على ضلالة (٣)، فعلى هذا لا يعود البيان إلى بيان البعث، وعلى القول الأول: يعود إلى بيان البعث بعد الموت، وهو قول ابن عباس (٤)؛ لأنه قال: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾: بهذا الوعد الذي قال: ﴿وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾: فيما أقسموا فيه.

(١) انظر: تفسيره "الوسيط"، تحقيق سيسي ٢/ ٣٩٤، وورد بلا نسبة في "تفسير ابن كثير" ٢/ ٦٢٧.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ش)، (ع).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٨، بنحوه.
(٤) لم أقف عليه، وورد هذا المعنى في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٦٦، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣٦، والثعلبي ٢/ ١٥٦ ب.


الصفحة التالية
Icon