وقوله تعالى: ﴿مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ﴾ قال الكلبي: عملوا السيئات، يعني عبادة غير الله (١)، وكذلك قال قتادة: يعني الشرك (٢)، وعلى هذا سمي عبادتهم الأوثانَ مكرًا، لأن المكر في أصل اللغة: السعي بالفساد (٣)، وذكرنا هذا فيما تقدم (٤)، وعبادة غير الله من أفسد السعي.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ﴾ قال ابن عباس: كما خَسف بقارون (٥)، ومعنى الخسف في اللغة: سُؤُوخُ الأرضِ بما عليها (٦)، قال أبو زيد والأصمعي: خَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ، وخَسَفَهُ الله (٧). ومعنى الاستفهام في قوله: ﴿أَفَأَمِنَ﴾ الإنكار؛ أي: يجب أن لا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين من قبلهم.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال الكلبي: من حيث لا يعلمون بهلاكهم (٨)، قال ابن عباس: يريد يوم بدر وما كانوا
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ١١٢ بلفظه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٢٣، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٣) والمشهور عند أهل اللغة أن أصل المكر: الاحتيال والخداع، ويكون عادة في خُفْيَة، فكأن الواحدي رحمه الله فسرها باللازم؛ انظر: (مكر) في "تهذيب اللغة" ٣٤٣٤، و"المحيط في اللغة" ٦/ ٢٦٣، و"مجمل اللغة" ٢/ ٨٣٨، و"الصحاح" ٢/ ٨١٩.
(٤) في تفسير الآية [٢٦] من هذه السورة.
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٠٩، والخازن ٣/ ١١٧، وأبي حيان ٥/ ٤٩٥، وفي الأخيرين بلا نسبة.
(٦) ورد في "تهذيب اللغة" (خسف) ١/ ١٠٢٩، بنصه، وهو قول الليث. وانظر: (خسف) في "المحيط في اللغة" ٤/ ٢٦٧، و"اللسان" ٢/ ١١٥٧.
(٧) المصدر السابق نفسه.
(٨) ورد بنص غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣٧.