وقال جماعة من المفسرين: ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾ هاهنا الساعة (١)؛ وذلك أن المكذبين بها استعجلوها، فقل لهم: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾. قال أبو إسحاق: استبطاؤا (٢) أمْرَ الله، فأعلم اللهُ أن ذلك عنده في القرب بمنزلة ما قد أتى، كما قال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١]، وكما قال: ﴿ومَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ﴾ (٣) [النحل: ٧٧]؛ وعلى هذا، إنما قال لِمَا لَم يأت بعد أتى؛ لأنه آت لا محالة، والعربُ إذا ذكرت شيئًا قَرُبَ وقوعه أخرجته مخرج الواجب، كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّار﴾ [الأعراف: ٤٤]، وقد مر.
وقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ هو قال ابن عباس: نَزَّه نفسه (٤)، وقال الزجاج: تنزيه له وبراءة من السوء (٥)، ﴿وَتَعَالَى﴾ أي: ارتفع وتعاظم بأعلى صفات المدح عن أن يكون له شريك، و (ما) في قوله: ﴿عَمَّا﴾ يجوز أن تكون (ما) المصدر، والتقدير: عن إشراكهم، والمعنى عن إشراكهم به غيره، فحُذف للعلم، ويجوز أن تكون بمعنى الذي؛ أي:
(٢) في (أ)، (د): (استبطلوا)، والمثبت من (ش)، وهو موافق للمصدر.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨٩، بنصه تقريباً.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٨٢، وورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٠ أ، وهود الهواري ٢/ ٣٥٩، والسمرقندي ٢/ ٢٢٨، والفخر الرازي ١٩/ ٢١٨.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٠، بنحوه.