حقًّا ولا فيه ضرًّا ونفعًا، قال مجاهد: يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم، ثم يجعلون لما لا يعلمون أنه ينفعهم ويضرهم (١)، ونحو هذا قال قتادة وابن زيد: هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم جزءًا من أموالهم (٢)، وقد بينّا (٣) مذهبهم في هذا عند قوله: ﴿هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٦] جعلوا نصيبًا من الحرث والأنعام يتقربون به إلى الله تعالى، ونصيبًا يتقربون به إلى الأصنام والحجارة على ما يجب أن يتقربوا إلى الله، وعلى هذا: العِلمُ مسند إلى المشركين، وهو قول عامة المفسرين (٤).
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿يَعْلَمُونَ﴾ هاهنا لازم ليس بمتعَدّ؛ لأنه الأصنام ومضاف إليها، والتأويل لِمَا ليس لها (٥)؛ لأنها موات لا معارف لها ولا حس، وأخرجها في قوله: (ما) مخرج غير الآدميين ومن [لا] (٦)
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ١٢٢ بنحوه عن قتادة، وبمعناه عن ابن زيد، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٥٨، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٢٦، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) في (أ)، (د): (ساء)، ولا معنى له، والصحيح المثبت كما في (ش)، (ع).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ١٢٢ - ١٢٣، والسمرقندي ٢/ ٢٣٨، وهود الهواري ٢/ ٣٧٤، والثعلبي ٢/ ١٥٨ أ، والطوسي ٦/ ٣٩٢، والزمخشري ٢/ ٣٣٢، وابن عطية ٨/ ٤٤٤، وابن الجوزي ٤/ ٤٥٨، والفخر الرازي ٢٠/ ٥٣، وذكر مسوغات ترجيح من رجحه، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٥، والخازن ٣/ ١١٩، وأبي حيان ٥/ ٥٠٣.
(٥) أي لما ليس لها علم ولا فهم.
(٦) إضافة يقتضيها السياق ليستقيم الكلام، ولعلها التبست على النساخ بما بعدها.