العرب قد حذفتها في بعض المواضع تخفيفًا، فقالت: من لَدُ الحائط، ولَدُ الصلاةِ، وقد حذفوها أيضًا ولا ساكن بعدها. أنشد سيبويه (١):
من لد شولا فإلى إتلائها
فلما حذفت النون تارة، وثبتت أخرى، قوي شبه النون بالتنوين الذي حذف تارة وثبت أخرى) (٢).
وقال القاضي أبو سعيد السيرافي في (٣) حكم لدن: (أن يخفض بها على الإضافة؛ لأن النون من أصل الكلمة بمنزلة الدال من عند، كما قال الله تعالى: ﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ [النمل: ٦] ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: ١] غير أن من العرب من ينصب بها، وإنما يفعل ذلك؛ لأنه ينزع النون عنها فيقال: لَدُ، فشبهت الأصلية بالزائدة حين ثبتت في حال وسقطت في حال، كما ثبتت الزائدة في حال وسقطت في حال) (٤).
وكنت قد وعدت في أول هذه السورة، عند قوله: ﴿مِن لَّدُنْهُ﴾ [الكهف: ٢] بسط الكلام في هذا الحرف، وقد ذكرت ذلك على حد الإيجاز والله المستعان.
٧٧ - قوله تعالى: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ هي: أنطاكية (٥) في

(١) سبق عزو البيت وتوثيقه.
(٢) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٤٦.
(٣) قوله: (في)، ساقط من نسخة (ص).
(٤) ذكره نحوه بلا نسبة "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٨٧، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٤٦، "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" ص ٩٦٦، "إملاء ما من به الرحمن" ص ٤٠٣.
(٥) أنطاكية: بالفتح: السكون قصبة العوصم من الثغور الشامية، وهي من أعيان البلاد وأمهاتها، موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير، قيل إن أول من بناها وسكها: أنطاكية بنت الروم بن اليقن بن سآم بن نوح -عليه السلام-، وقيل إن أول من بناها: أنطيغونيا في السنة السادسة من موت الإسكندر ولم يتمها، فأتمها بعد سلوقوس، وقيل غير ذلك، وفتحها أبو عبيدة بن الجراح سار إليها من حلب، وألزم أهلها بالجزية.
انظر: "معجم البلدان" ١/ ٢٦٦.


الصفحة التالية
Icon