وهو قول الحسن (١). ويصير المعنى كأنه قيل هذه السورة ذكر رحمة ربك، وقد تضمنت هذه السورة قصة زكريا.
وذكر صاحب النظم هذا القول فقال: (هذه الحروف كأنها اسم لهذه السورة، فصارت مبتدأ وصار خبرها في قوله: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ﴾ (٢) (٣).
وقال ابن الأنباري مصححًا قول الفراء منكرًا على الزجاج: (تلخيص قول الفراء كهيعص ابتداء ذكر رحمة ربك، وتقدمه ذكر رحمة ربك ثم حذف المضاف، وافتتاح الشيء داخل فيه ومحسوب من جملته) (٤). والمراد بالرحمة هاهنا: إجابة الله تعالى زكريا حين دعاه وسأله الولد (٥). وانتصب قوله: "عبده" بالذكر، ومعنى الآية على التقديم والتأخير تقديرها: ذكر ربك عبده بالرحمة، هذا قول الفراء، والزجاج، وصاحب النظم (٦).
وقال الأخفش: (انتصب العبد بالرحمة كما نقول: هذا ذكر ضرب زيد عمرا) (٧). وهذا هو الوجه؛ لأن الله تعالى ذكر في هذه السورة رحمته زكريا بإجابة دعائه، وليس يحتاج في هذا القول تقدير التقديم والتأخير.
٣ - قوله تعالى: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ بمعنى: الخافي، يقال:
(٢) في (ص): (ثم حذف المضاف)، زائد على الأصل.
(٣) ذكره نحوه بلا نسبة "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٢٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٧٥، "البحر المحيط" ٦/ ١٧٢.
(٤) أورده بلا نسبة "المحتسب" ٢/ ٣٧، "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٢٥، "البحر المحيط" ٦/ ١٧٢، "الدر المصون" ٧/ ٥٦١.
(٥) "النكت والعيون" ٣/ ٣٥٤، "التفسير الكبير" ١١/ ١٧٩، "فتح القدير" ٣/ ٤٥٨.
(٦) "معاني القرآن للفراء" ٢/ ٢٦١، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣١٨.
(٧) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٢٤.