خوفه فقال بعضهم: (خاف أن يرثه غير الولد) (١).
وقيل: (خاف أن تذهب النبوة من نسبه إلى بني الأعمام) (٢). وهذا ليس بشيء؛ لأنه لا يكون خوفًا من الموالي، والصحيح في معنى خوفه ما ذكره أبو علي فقال: (الخوف لا يكون من الأعيان في الحقيقة، إنما يكون من معان فيها، فإذا قال القائل: خفت الله، وخفت الوالي، وخفت الناس، فالمعنى: خفت عقاب الله ومؤاخذته، وخفت عقوبة الوالي، وملامة الناس، وكذلك أي: "خفت الموالي من ورائي"، أي خفت تضيج بني عمي، فحذف المضاف، والمعنى تضييعهم للدين، ونبذهم إياه وإطراحهم له، فسأل ربه وليا يرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين، وكأن الذي حمله على مسألة ذلك ما شاهدهم عليه من تبديلهم للدين وتوثُّبِهِم على الأنبياء وقتلهم إياهم) (٣).
ويؤكد هذا ما روى عطاء عن ابن عباس قال: (يريد بالموالي بني إسرائيل) (٤). وبنو إسرائيل كانوا يبدلون ويقتلون الأنبياء (٥)، وعلى هذا

(١) "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٢٧، "الكشاف" ٢/ ٤٠٥، "زاد المسير" ٥/ ٢٠٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٧٨.
(٢) ذكرت كتب التفسير نحوه. انظر: "جامع البيان" ١٦/ ٤٦، "تفسير القرآن" للصنعاني ٢/ ٣، "الكشف والبيان" ٣/ ٢ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٢١٨، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٢٤، "زاد المسير" ٥/ ٢٠٩.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٨٩.
(٤) ذكر في كتب التفاسير بدون نسبة. انظر: "النكت والعيون" ٣/ ٣٥٥، "الكشاف" ٢/ ٤٠٥، "روح المعاني" ١٦/ ٦١، "الدر المصون" ٧/ ٥٦٦.
(٥) وإلى هذا أشار القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة البقرة الآية (٥٩): ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ الآية. =


الصفحة التالية
Icon