وعلى هذا القول فالمراد بالسمي: المثل والنظير كقوله: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]، أي: مثلا وعدلا، ولم يكن ليحيى مثل من البشر من حيث أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط.
٨ - وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾ مضى الكلام في معنى هذا الاستفهام في سورة آل عمران (١).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ قال كثير من الناس: (كَانَت) هاهنا زيادة (٢)، والمعنى: وامرأتي عاقرًا، كما قال في موضع آخر: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ [آل عمران: ٤٠]. قال ابن الأنباري: (كَانَت) هاهنا ماضٍ، معناه الحال كأنه قال: وكائنة امرأتي في الحال، فصلح وضع الماضي في وضع الدائم؛ لأن المعنى مفهوم غير ملتبس، كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦]، و ﴿كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١١]. المعنى: وكائن الله غفورا أبدا. قال: وفي المسألة جواب ثالث: وهو أنه لما بشر بالولد وقع في نفسه أنه يكون بزوال العقر عن زوجته فقال بعد وقوع هذا المعنى في نفسه ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ أي: إلى هذا الوقت الذي لا أدري أزال العقر عنها أم لا؟ قال: وهذا جواب جيد صحيح) (٣).

(١) عند قوله سبحانه في سورة آل عمران الآية: (٤٠): ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾.
(٢) التعبير بلفظ الزيادة، لا يصح القول به في القرآن الكريم، فإن كل حرف منه ورد ليدل على معنى من المعاني فزيادة المبني تدل على زيادة المعنى والمنزل الحكيم سبحانه لا ينزل الشيء إلا لفائدة.
(٣) ذكر نحوه في "المحر الوجيز" ٩/ ٤٣٢، "زاد المسير" ٥/ ٢١١، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٨٤.


الصفحة التالية
Icon