فذلك قوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ يعني جبريل ﴿فَتَمَثَّلَ﴾ فتصور وتشبه ﴿لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ معتدلًا تامًّا.
١٨ - قال ابن عباس: (فلما رأت جبريل يقصد نحوها نادته مر بعيد) (١) بقوله: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ أي مخلصا مطيعا. قال أبو إسحاق: (تأويله إني أعوذ بالله منك، فإن كنت تقيا فستتعظ بتعوذي بالله منك) (٢).
١٩ - قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ﴾ هذا جواب جبريل -عليه السلام- لمريم ﴿لِأَهَبَ لَكِ﴾ اللام متعلقة بمعنى قوله: ﴿رَسُولُ رَبِّكِ﴾ أي: أرسلني ليهب لك. ومن قراء: لأهب (٣)، استند إلى المتكلم وهو جبريل والهبة لله سبحانه، والرسول والوكيل قد يسندون هذا النحو إلى أنفسهم، وإن كان الفعل للموكل والمرسل للعلم به، وإن الرسول مترجم عنه (٤).
وقوله تعالى: ﴿غُلَامًا زَكِيًّا﴾ قال قال ابن عباس: (يريد نبيا) (٥). وقال
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٢٣.
(٣) قرأ: ابن كثير، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وقالون عن نافع: (لأهب) بالهمز.
وقرأ: أبو عمرو البصري، وورش عن نافع: (ليهب) بغير همز.
انظر: "السبعة" ص ٤٠٨، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٩٥، "التبصرة" ص ٢٥٦، "النشر" ٢/ ٣١٧.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٩٥.
(٥) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "مجمع البيان" ٥/ ٧٨٤، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٩٩، "روح المعاني" ١٦/ ٧٧. "فتح القدير" ٣/ ٤٦٨.