وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد زانيا) (١).
﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ يريد زانية. وذكرنا الكلام في البغي في هذه السورة (٢). والمعنى في نفي الزنا عن أبويها تعريض بزناها، كأنهم قالوا: لم يكونا زانيين فمن أين لك هذا الولد؟. قال الفراء: (أي أهل بيتك أخوك وأبوك صالحون وقد أتيت أمرا عظيما) (٣).
٢٩ - قوله تعالى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ قال ابن عباس: (تريد أن كلموه وهو يرضع فنظر بعضهم إلى بعض تعجبا منها حين أشارت إليه) (٤). ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ﴾ الآيه. وقال أبو إسحاق: (أشارت إليه بأن يجعلوا الكلام معه، ودل على أنها أشارت إليه في الكلام، قوله: ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾) (٥). قال ابن عباس: (يريد في الحجر رضيعا) (٦).
هذا القول بعيد، والراجح -والله أعلم- من هذه الأقوال ما ثبت في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه والذي مر بنا آنفًا.
وانظر: "جامع البيان" ١٦/ ٧٨، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٣٢، "فتح القدير" ٣/ ٤٧٣، "أضواء البيان" ٤/ ٢٧١.
(١) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٢٩، "النكت والعيون" ٣/ ٣٦٩، "تنوير المقباس" ص ٢٥٥.
(٢) عند قوله سبحانه في الآية رقم: (٢٠): ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦٧.
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٠٢.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٢٨.
(٦) ذكره "المحرر الوجيز" ٩/ ٢٦٢ بدون نسبة، و"النكت والعيون" ٣/ ٣٧٠ ونسبة لقتادة، و"زاد المسير" ٥/ ٢٢٦.