صبيا قد حدث في المهد. وقال الزجاج: (وأجود الأقوال أن يكون في معنى الشرط والجزاء فيكون المعنى: من يكن في المهد صبيا، فكيف نكلمه؟ كما تقول: من كان لا يسمع ولا يعقل فكيف أخاطبه) (١). قال ابن الأنباري: (لا يجوز أن يكون الكون مُلْغًى، وهو عامل في الصبي النصب، وقول من قال: إن ﴿كَانَ﴾ بمعنى حدث قبيح أيضا؛ لأن الصبي لما انتصب بالكون لم يكن الكون بمعنى الحدوث؛ لأنه إذا كان بمعنى الوقوع والحدوث استغنى عن خبره، كما تقول: كان البرد وكان الحر، تريد وقع وحدث -ثم اختار قول الزجاج- قال: والذي نذهب إليه أن يكون ﴿مَنْ﴾ في معنى الجزاء و ﴿كَانَ﴾ بمعنى يكون، والتقدير: من يكن في المهد صبيا فكيف نكلمه؟ كما تقول: كيف أعظ من كان لا يقبل عظتي؟ معناه: من يكن لا يقبل، والماضي يكون بمعنى المستقبل في باب الجزاء، كقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ [الفرقان: ١٠] معناه: إن شاء يجعل) (٢).
قال السدي: (لما أشارت إليه غضبوا وقالوا: سخريتها بنا حيث تأمرنا أن نسأل هذا الصبي أعظم علينا مما صنعت) (٣).
٣٠ - وكان عيسى يرضع فلما سمع كلامهم لم يزد على أن ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه وأشار بسبابته فقال: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ وقال ابن
(٢) ذكر في "زاد المسير" ٥/ ٢٢٨، "البحر المحيط" ٦/ ١٨٧، "الدر المصون" ٧/ ٥٩٤.
(٣) "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٦٢، "الكشاف" ٢/ ٤١٠، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٣٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٠٢.