الْآخِرَةِ} [يوسف: ١٠٩] وعلى هذا يجوز أن يرتفع ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ على النعت لعيسى كما ذكرنا، ويجوز أن يرتفع على أنه خبر ابتداء مضمر (١)، دل عليه قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ والمعنى: هذا الكلام قول الحق، أي: هذا الذي ذكرنا من صفته، وأنه ابن مريم قول الحق، ومن قرأ: قَوْلَ الحق، بالنصب فهو نصب على المصدر (٢)، أي: قال قول الحق.
[وقال أبو علي: (أما النصب فهو أن قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ هو يدل على: أَحقُّ قَولَ الحَقّ] (٣). وتقول: هذا زيدُ الحقّ لا الباطل؛ لأن قول هذا زيد، بمنزله أحُقُّ، كأنك قلت: أحُقُّ الحَقَّ، وأَحَقُّ قَولَ الحَقِّ) (٤).
ويكون على هذا التقدير اعتراضا بين الصفة والموصوف؛ لأن التقدير: ذلك عيسى بن مريم الذي فيه. وقال الفراء: (وإن نصبت القول وهو في النية من نعت عيسى كان صوابا، كأنك قلت: هذا عبد الله الأَسَدَ عَاديًا، كما تقول: أَسَدًا عَاديِا) (٥).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي﴾ هو هو من نعت عيسى ﴿فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ أي: يشكون فيختلفون، فيقول قائل: هو ابن الله، ويقول آخر: هو الله (٦). ثم
(٢) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: (قولُ الحق) رفعا. وقرأ عاصم، وابن عامر: (قولَ الحق) نصبا.
انظر: "السبعة" ص ٤٠٩، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٠١، "التبصرة" ص ٢٥٦.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٠٢.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦٨.
(٦) "تفسير القرآن" للصنعاني ٢/ ٨، "جامع البيان" ١٦/ ٨٣ - ٨٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٧٢، "معالم التزيل" ٥/ ٢٣١.