وذكرنا عند (١) قوله: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ﴾ [آل عمران: ٣٨] أنه يجوز أن يشار بهنالك إلى المكان، وإلى ما مضى من الزمان.
وقوله تعالى: ﴿الْوَلَايَةُ﴾ أكثر القراء على فتح الواو (٢)، والولاية: نقيض العداوة، ومعناها التولي، وهو مصدر الوَلِيِّ (٣). وروي عن أبي عمرو، والأصمعي أنهما قالا: (الولاية بالكسر هاهنا لحن (٤)، والكسر في فعالة يجيء فيما كان صنعة نحو: الخياطة والصناعة (٥)، أو معنى متقلدًا كالكتابة والإمارة والخلافة، وليس هنا معنى تولي أمر، إنما (٦) الولاية من الدين) (٧). وكذلك التي في الأنفال: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنفال: ٧٢]. وأما ولاية الأمور فهو بالكسر، كولاية السلطان، ومن أهل اللغة من يقول: يجوز الفتح في هذه، والكسر في تلك. كما قالوا: الوِكالة
(٢) قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وعاصم، وأبو عمر: (الولاية) بفتح الواو. وقرأ حمزة، والكسائي: (الولاية) بكسر الواو. انظر: "السبعة" ص ٣٩٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٤٩، "التبصرة" ص ٢٤٨، "العنوان" ص ١٢٣.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (ولى) ٤/ ٣٩٥٥، "مقاييس اللغة" (ولى) ٦/ ١٤١، "لسان العرب" (ولى) ٨/ ٤٩٢٠.
(٤) قولهما: (أن الكسر هنا لحن). قول لا يعول عليه، لأنه مخالف لقراءة سبعية ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والقراءة الثابتة حجة على اللغة، فلا يجوز ردها أو تضعيفها، كما أن الفتح والكسر هنا جائز عند أكثر أهل اللغة.
(٥) في (ص): (الصياغة).
(٦) في (س): (إنما هو الولاية).
(٧) "المحرر الوجيز" ٩/ ٣١٨، "البحر المحيط" ٦/ ١٣٠، "الدر المصون" ٧/ ٤٩٩، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٤٩.