لا وجه للأمر هاهنا، وأن المعنى مده الرحمن مدا) (١). وابن عباس فسره أيضًا بالخبر فقال: (يريد فإن الله يمد له فيها حتى يستدرجه) (٢). وقد تقدم القول في وضع بعض الأمثلة موضع البعض في آيات.
ومعنى المد في الضلالة ذكرناه في قوله: ﴿وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: ١٥]. وقال صاحب النظم: (من شرط وللشرط جزاء واجتمع في قوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ جزاء الشرط والفاء دليل عليه، وابتداء الأمر ولو تمحض جزاء لكان يمدد ولكنه دعاء عليهم بأن يمدهم الله في الضلالة والدعاء يكون بلفظ الأمر كأنه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوا على من كان في الضلالة بهذا الدعاء، وهذا كما تقول في الكلام: من سرق مالي فليقطع الله يده، فهذا دعاء على السارق وهو جواب للشرط) (٣). هذا معنى كلامه. وعلى ما ذكر لا يكون ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ خبرًا كما قاله الزجاج، وأبو علي، وأكد ابن الأنباري هذا الوجه فقال: (اللام في ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ لام الدعاء وتقديرها في الآية: قل يا محمد من كان في الضلالة فاللهم مد له في العمر مدا) (٤).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا﴾ هو متصل بالمد؛ لأن المعنى مده الله في ضلالته حتى يرى ما يوعد من العذاب أو الساعة، وإنما قال ﴿رَأَوْا﴾ بعد

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٠٥.
(٢) ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة.
انظر: "الكشف والبيان" ٣/ ١٢ أ، "المحرر الوجيز" ٩/ ٥٢٢، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٥٣، "زاد المسير" ٥/ ٢٥٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٤٤، "روح المعاني" ١٦/ ١٢٧.
(٣) ذكر نحوه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٤٤.
(٤) ذكر نحوه بلا نسبة في "الكشاف" ٢/ ٤٢١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٤١، "البحر المحيط" ٦/ ٢١٢.


الصفحة التالية
Icon