فلو كان المعنى كما ذهبوا إليه ما أنكر ابن مسعود قراءة من قرأ: ﴿طه﴾ بإسكان الهاء (١). وأصله: طأ بالهمز فأبدلت منها الهاء، كما قالوا: هياك وهرقت، في إياك، وأرقت، ويجوز أن يكون الأصل طا من وطي على ترك الهمز، ثم أثبتت الهاء فيها للوقف، والوجهان ذكرهما أبو إسحاق (٢). وهذه قراءة شاذة لا يقرأ بها.

= من القول عندي في تأويل مفاتيح السور التي هي حروف المعجم: أن الله جل ثناؤه جعلها حروفًا مقطعة، ولم يصل بعضها ببعض فيجعلها كسائر الكلام المتصل الحروف؛ لأنه عز ذكره أراد بلفظه الدلالة بكل حرف منه على معان كثيرة لا على معنى واحد).
وذهب بعض العلماء إلى أن هذه الحروف إنما ذكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها.
وقال الشوكاني -رحمه الله- في "فتح القدير" ٣/ ٤٦٤: (وكما وقع الخلاف في هذا وأمثاله بين الصحابة وقع بين من بعدهم، ولي يصح مرفوعًا في ذلك شيء، ومن روي عنه من الصحابة في ذلك شيء فقد روي عن غيره ما يخالفه، وقد يروى عن الصحابي نفسه التفاسير المتخالفة المتناقضة في هذه الفواتح، فلا يقوم شيء من ذلك حجة، بل الحق الوقف ورد العلم في مثلها إلى الله سبحانه).
وقال الدكتور محمد صالح في كتابه "تفسير سورة الرعد" ص ٤٣ بعد أن ذكر بعض الأقوال: (ولكن الأقوال المحكية، والنقول المروية لا تصح نقلاً، ولا تسلم عقلاً، فالله أعلم بحقيقة المراد).
انظر "المحرر الوجيز" ١/ ١٣٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ١٥٤، "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٣٨، "التفسير الكبير" ٢/ ٥، "التحرير والتنوير" ١/ ٢٠٦، أضواء البيان ٤/ ٣٩٩، "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢٩٩.
(١) قراء الحسن: (طه) بسكون الهاء من غير ألف قبلها. انظر: "القراءات الشاذة" للقاضي ص ٦٦، "إتخاف فضلاء البشر" ص ٣٠١.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٤٩.


الصفحة التالية
Icon