أيامَ تَصْحَبني هِنْد وَأخبرُها ما أكتم النَّفْسَ مِنْ حَاجِي وأَسْرَارِي
أي: أخبرها بما لا أطلع عليه أحدًا، هذا معناه.
وقال المبرد: (هذا مستعمل في الكلام وجار على الأفواه أن يقول القائل -إذا أراد أن يستر شيئًا سترًا شديدًا-: أنا أسر هذا من نفسي، وأكاد أسره من نفسي. أي: أقارب ذلك، فيأتي على جهة المثل، وعلى المبالغة في ستر الشيء) هذا كلامه (١). وعلى هذا معنى الآية: إن الله تعالى بالغ في إخفاء الساعة، فذكره بأبلغ ما تعرفه العرب في مثله. وهذا موافق لما قال ابن عباس في تفسيره: (قد أخفها من الملائكة يقول: لا أظهر عليها أحداً). قاله في رواية سعيد بن جبير والوالبي (٢).
والمعنى: أنه لم يطلع على وقت قيام الساعة ملكًا مقربًا، ولا نبيًا، حتى لو جاز أن يخفيه عن نفسه أخفاها.
قال ابن الأنباري: (والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف؛ لأن الناس إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت) (٣). هذا معنى قول المفسرين في هذه الآية (٤). وكاد -على قولهم- للمقاربة.
= "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٨٥، وذكره "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣ بدون نسبة بلفظ:
أيام تصحبني هند وأخبرها ما كدت أكتمه عني من الخبر
(١) ذكرته كتب التفسير. انظر: "زاد المسير" ٥/ ٢٧٦، "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣، "مجمع البيان" ٧/ ١١، "فتح القدير" ٣/ ٥١٣.
(٢) "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٦٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٨٥، "الدر المنثور" ٤/ ٥٢٥.
(٣) ذكرته كتب التفسير. انظر: "المحرر الوجيز" ١٠/ ١٥، "زاد المسير" ٥/ ٢٧٦، "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ١٤٩، "النكت والعيون" ٣/ ٣٩٧، "المحرر الوجيز" ١٠/ ٥.


الصفحة التالية
Icon