أكاد أظهرها. وتلخيص هذه اللفظة: أكاد أزيل عنها خفاها، وخفاء كل شيء: غطاؤه، من ذلك خفاء القِرْبة للكساء الذي يكون عليها. وأَفْعلت يأتي والمراد به السَّلْب والنفي، كقولهم: أَعْجَمْت الكتاب وأَشْكَلته أي: أزلت عجمته وإشكاله، وأَشْكيته أزلت ما يشكوه) (١).
وهذا الذي ذهبوا إليه في معنى الآية يوافق قول ابن عباس في رواية عطاء قال: (يريد: أكاد أظهرها) (٢). وعلى هذا معنى الآية: إن الله تعالى أخبر عن إرادته إظهار الساعة كما قال: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأعراف: ١٨٧]. غير أن هذا المعنى أصح في قراءة من قرأ: (أَخفيها) بفتح الألف (٣)؛ لأن كلام العرب الجيد: خفيت الشيء: أظهرته، وأخفيته: سترته.
قال الأزهري: (هذه اللغة الجيدة) (٤). وقد روي: خفيت بالمعنيين المتضادين، كما روى أخفيت، وكتاب الله تعالى يفسر بأفصح اللغات. وروي عن بعض أهل اللغة في هذه الآية وجه آخر وهو أن المعنى: الساعة آتية أكاد، وتم الكلام هاهنا (٥). والمعنى: أكاد أن آتي بها، ثم ابتدأ فقال:
(٢) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة.
انظر: "جامع البيان" ١٦/ ١٤٩، "الكشف والبيان" ٣/ ١٦ ب، "بحر العلوم" ٣/ ٣٣٨، "المحرر الوجيز" ١٠/ ١٥، "زاد المسير" ٥/ ٢٧٧، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٦٠.
(٣) قرأ سعيد بن جبير: (أكاد أخفيها) بفتح الألف.
انظر: "جامع البيان" ١٦/ ١٥٠، "الكشاف" ٢/ ٤٣٠، "تهذيب اللغة" (خفى) ١/ ١٠٧٠، "المحتسب" ٢/ ٤٧.
(٤) "تهذيب اللغة" (خفي) ١/ ١٠٧٠.
(٥) "جامع البيان" ١٦/ ١٥٢، "النكت والعيون" ٣/ ٩٧٣، "المحور الوجيز" ١٠/ ١٥، "المكتفى في الوقف والابتداء" ص ٣٧٩.