أخفيها، والمعني: لكني أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى، وهذا وجه لا بأس فيه (١).
وقوله تعالى: ﴿لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ﴾ قال ابن الأنباري: (من قال: أخفيها معناه: أظهرها، جعل اللام في ﴿لِتُجْزَى﴾ من صلة أخفيها، والمعنى: أظهرها للجزاء، ومن قال: أخفيها: أسترها، جعل اللام معلقة بقوله: إن الساعة آتية لتجزي كل نفس) (٢).
وبهذا قال الزجاج (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِمَا تَسْعَى﴾ بما تعمل من خير وشر.
١٦ - قوله تعالى: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ﴾ الصد: الصرف عن الخير، يقال: صده عن الإيمان وعن الحق، ولا يقال: صده عن الشر. والمعنى لا يمنعنك ولا يصرفنك (٤).
(١) والقول الأول هو قول جمهور المفسرين، قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" ١٦/ ١٥٠: (والذي هو أولى بتأويل الآية من القول قول من قال: معناه أكاد أخفيها من نفسي؛ لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء. وإنما وجهنا معنى أُخفيها بضم الألف إلى معنى أسترها من نفسي؛ لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب الستر، يقال: قد أخفيت الشيء إذا سترته، وأما وجه صحة القول في ذلك فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم، وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئًا يقطع العذر، والذي ذكر عن سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف، قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلاً مستفيضًا).
(٢) "الأضداد" لابن الأنباري ص ٩٦.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٥٣.
(٤) انظر "تهذيب اللغة" (صد) ٢/ ١٩٨٤ "مقاييس اللغة" (صد) ٣/ ٢٨٢، =
(٢) "الأضداد" لابن الأنباري ص ٩٦.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٥٣.
(٤) انظر "تهذيب اللغة" (صد) ٢/ ١٩٨٤ "مقاييس اللغة" (صد) ٣/ ٢٨٢، =