وقوله تعالى: ﴿عَنْهَا﴾ قال الفراء: (يريد عن الإيمان بها) (١).
وقال الزجاج: (عن التصديق بها) (٢). ﴿مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا﴾ أي: من لا يؤمن بأنها تكون.
﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ مراده وخالف أمر الله ﴿فَتَرْدَى﴾ فتهلك، يقال: رَدِيَ، يَرْدَى، رَدًى فهو رَدٍ، ومثله تَرَدَّى إذا هلك (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ [الليل: ١١]. والظاهر أن هذا خطاب لموسى، ثم هو نهي لجميع المكلفين عن ترك الإيمان بالساعة والتأهب لها، وإنذار بالهلاك لمن فعل ذلك (٤). وجعل أبو إسحاق هذا خطابًا لنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وخطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خطاب سائر أمته) (٥).
ومعنى ﴿وَلَا يَصُدُّنَّكَ﴾: لا يصدنكم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ [الطلاق: ١]، فَنُبِه النبي -صلى الله عليه وسلم- وخوطب هو وأمته بقوله: ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾.
١٧ - قوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾ قال أبو إسحاق:

= "القاموس المحيط" (صد) ١/ ٢٩٢، "لسان العرب" (صد) ٧/ ٢٤٠٩.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٧٧.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٥٣.
(٣) انظر: "القاموس المحيط" (ردى) ٤/ ١٢٨٧، "الصحاح" (ردي) ٦/ ٢٣٥٤، "لسان العرب" (ردى) ٥/ ١٦٣٠، "المفردات في غريب القرآن" (ردأ) ص ١٩٤.
(٤) "المحرر الوجيز" ١٠/ ١٦، "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣، "روح المعاني" ١٦/ ١٧٣.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٠٣٥٣ الراجح -والله أعلم- أن الخطاب لموسى عليه السلام، وهو ما عليه جمهور المفسرين.
انظر: "المحرر الوجيز" ١٠/ ١٦، "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣، "التفسير الكبير" ٢٢/ ٢٣.


الصفحة التالية
Icon