(﴿تِلْكَ﴾ اسم مبهم يجري مجرى التي، ويوصل كما توصل التي، المعنى: ما التي بيمينك) (١).
وقال الفراء: (معنى: ﴿تِلْكَ﴾ هذه) (٢). و ﴿بِيَمِينِكَ﴾ في مذهب صلة لتلك؛ لأن تلك وهذه توصلان كما توصل الذي. فتلك على قول الزجاج بمعنى: التي، وعلى قول الفراء بمعنى: هذه، كما أن ذلك يكون بمعنى هذا، كما بينا في قوله: ﴿ذَلِكَ﴾ في قوله: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢]. وقال أهل المعاني: (معنى سؤال موسى عما في يده من العصا التنبيه له عليها، ليقع المعجز بها بعد التثبيت فيها والتأمل لها) (٣).
وقد كشف أبو إسحاق عن هذا المعنى فقال: (هذا الكلام لفظه لفظ الاستفهام ومجراه في الكلام مجرى ما يسأل عنه، ويجيب المخاطب بالإقرار به لتثبت عليه الحجة بعد ما اعترف، فيستغنى بإقراره عن أن يجحد بعد وقوع الحجة، ومثله من الكلام أن تُرِي المخاطب ماءً فتقول: ما هذا؟ فيقول ماء. ثم تحيله بشيء من الصبْع فإن قال: إنه لم يزل هكذا، قلت: ألست قد اعترفت بأنه ماء) (٤).
١٨ - قوله تعالى: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ﴾ جواب الاستفهام والسؤال عما في يده، قال وهب: (لما قال موسى: ﴿هِيَ عَصَايَ﴾، قال الله تعالى: وما تصنع بها) (٥). ولا أحد أعلم منه بذلك، قال موسى: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾؛ لأن
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٧٧.
(٣) "بحر العلوم" ٢/ ٣٣٩، "النكت والعيون" ٣/ ٣٩٩، "الكشاف" ٢/ ٥٣٣، "البحر المحيط" ٦/ ٢٣٣.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٥٤.
(٥) ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة.