الدنيا، ثم تكسر فتعود في الأرض) (١). وهذا معنى قوله: ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦)﴾ [الواقعة: ٥، ٦] وقرئ: ﴿نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ علي بناء الفعل للفاعل (٢). وهذه القراءة أشبه بما بعده من قوله: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ﴾، وحجة القراءة الأولى قوله: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ﴾ [النبأ: ٢٠]، وقوله: ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ [التكوير: ٣]، فبني الفعل للمفعول به.
وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ قال ابن عباس: (يريد لا جبل ولا بناء ولا شجر ولا ماء) (٣). وقال مجاهد: (لا خَمَر (٤) فيها) (٥). وقال الكلبي: (ظاهرة ليس عليها شيء) (٦).
وقال أهل المعاني: (لا شيء يسترها، يحشر الناس فيكونون كلهم في صعيد واحد، يرى بعضهم بعضًا) (٧). وهذا قول قتادة في البارزة: (أنها
(٢) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: (ويوم تُسير الجبالُ) بالتاء، ورفع الجبال. وقرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (ويوم نُسير الجبالَ) بالنون، ونصب الجبال. انظر: "السبعة" ص ٣٩٣، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٥١، "التبصرة" ص ٢٤٩، "العنوان" ١٢٣، "النشر" ٢/ ٣١١.
(٣) ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٨٩ ب بدون نسبة.
(٤) قال الأزهري في "تهذيب اللغة" (خَمَر) ١/ ١١٠٠: الوهدة: خَمر، والأكمة: خَمر، والجبل: خَمر، والشجر: خَمر، وكل ما خلفك فهو خمر. وانظر: "القاموس المحيط" (الخمر) ٣٨٧، "الصحاح" (خمر) ٢/ ٦٥٠.
(٥) "جامع البيان" ١٥/ ٢٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٨، "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٤٦٥، "تفسير مجاهد" ١/ ٣٧٧.
(٦) ذكر نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٨٩ ب بدون نسبة، وكذلك السمرقندي في "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٢.
(٧) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٤٥، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٢.