وعن مجاهد في رواية ابن أبي نجيح قال: (الفتون وقوعه في محنة خلصه الله منها أولها: أن أمه حملته في السنة التي كان يذبح الأطفال فيها، ثم: إلقاؤه في البحر، ثم: منعه الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم: جره لحية فرعون حتى هم بقتله، ثم: تناوله الجمرة بدل الدرة، ثم: مجيء رجل من شيعته يسعى ليخبره بما عزموا عليه من قتله) (١). وهذا معنى قولهما وقد اختصرته. وكان ابن عباس يقص القصة على سعيد بن جبير ويقول عند كل بلية: (هذا من الفتون يا ابن جبير) (٢). ويؤكد هذا ما روي عن سفيان أنه قال: (بلغني عن ابن عباس في هذه: ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ قال: بلاء على كل بلاء) (٣). وعلى هذا معنى ﴿وَفَتَنَّاكَ﴾: خلصناك من تلك المحن، كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبيث وشائب (٤). والفتون مصدر.
قال ابن الأنباري في القول الأول: (معناه الامتحان الذي يبتلى معه صبر الممتحن، والأنبياء وأهل الخير يختبرهم الله تعالى ليسعدهم، ويجعل حسن العقبى لهم، فتفسير: ﴿وَفَتَنَّاكَ﴾ ابتليناك بغم القتل، يعني: قتل
انظر: "الدر المنثور" ٤/ ٥٣٠، "مجمع الزوائد" للهيثمي ٧/ ٦٦، وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير أصبغ بن زيد، والقاسم بن أبي أيوب وهما ثقتان.
(١) "جامع البيان" ١٦/ ١٦٤، "النكت والعيون" ٣/ ٤٠٣، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٣، "زاد المسير" ٥/ ٢٨٥، "الجامع" ١١/ ١٩٨.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ١٦٤، "بحر العلوم" ٢/ ٣٤١، "الكشاف" ٢/ ٥٣٧، "زاد المسير" ٥/ ٢٨٥، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٦٤، "الدر المنثور" ٤/ ٥٣٠.
(٣) "زاد المسير" ٥/ ٢٨٥.
(٤) انظر (فتن) في: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٤، "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٧٢، "القاموس المحيط" (١٢٢٠)، "لسان العرب" ص ٣٣٤٤.