عباس: (يريد حفاة عراة غرلاً) (١)
وقيل: (يعني فرادى) (٢). كما قال في سورة الأنعام: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ الآية. وقال أبو إسحاق: (أي بعثناكم كما خلقناكم) (٣). لأن قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا﴾ يعني: بعثناكم.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ زَعَمْتُمْ﴾ خطاب لمنكري البعث خاص، ومعناه: بل زعمتم في الدنيا أن لن تُبعثوا، لأن الله وعدهم البعث فلم يصدقوا، والمعنى: ﴿أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا﴾ للبعث والجزاء، و ﴿بَلْ﴾ هاهنا إيذان بأن القصة الأولى قد تمت وبدأ في كلام آخر، وذلك أن الآية عامة في المؤمن والكافر إلى قوله: ﴿بَلْ زَعَمْتُمْ﴾ فلما أخذ في كلام خاص لأحد الفريقين أدخل ﴿بَلْ﴾ ليؤذن بتحقيق ما سبق، وتوكيد ما يأتي بعده، كقوله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾ [النمل: ٦٦]، وقد يجيء ﴿بَلْ﴾ في الكلام لترك ما سبق من غير إبطال له (٤)، كقول لبيد (٥):
(٢) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩٨ ب، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٦، "الكشاف" ٢/ ٣٩٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٤١٧.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٩٢.
(٤) "البحر المحيط" ٦/ ١٣٤، "الدر المصون" ٧/ ٥٠٦، "إرشاد العقل السليم" ٥/ ٢٢٦، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٤٠٠، "أضواء البيان" ٤/ ١١٦.
(٥) البيت للبيد. نوار: اسم امرأة. ونأت: بعدت. والأسباب: الحبال. =