٥٠ - وقوله تعالى: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ فيه وجهان أحدهما: ما قاله مجاهد وهو أنه قال: (لم يجعل خلق الإنسان كخلق البهائم، ولا خلق البهائم كخلق الإنسان، ولكن خلق كل شيء فقدره تقديرًا) (١). وأكثر أقوال المفسرين تعود على هذا. قال عطية، ومقاتل: (﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ يعني صورته) (٢). فهذا كقول مجاهد؛ لأن المعنى خلق كل جنس من الحيوان على صورة أخرى.
وقال الحسن، وقتادة: (أعطى كل شيء صلاحه وما يصلحه) (٣). والمعنى ما يصلحه من الخلق والصورة، فكل شيء أعطي من الصورة ما يصلح لما خلق له.
وقوله تعالى: (ثم هدى) قالوا: هداه لما يصلحه من معيشته ومشربه ومنكحه إلى غير ذلك. وهذا القول اختيار أبي إسحاق وبينه فقال: (معناه: خلق كل شيء على الهيئة التي بها ينتفع، والتي هي أصلح الخلق له، ثم هداه لمعيشته) (٤). وقال عطاء عن ابن عباس: (يريد أتقن كل ما خلق) (٥). والمعنى على هذا: أعطى كل شيء تمام خلقه.
(٢) "الكشف والبيان" ٣/ ١٨ ب، "زاد المسير" ٥/ ٢٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٠٥، "البحر المحيط" ٦/ ٢٤٧.
(٣) "تفسير القرآن" للصنعاني ١/ ١٦، "جامع البيان" ١٦/ ١٧٢، "تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٤٠، "بحر العلوم" ٢/ ٣٤٥، "النكت والعيون" ٣/ ٤٠٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٥٨.
(٥) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٦/ ١٧٢، "المحرر الوجيز" ١٠/ ٣٦، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٧٢.