وقال في رواية الوالبي: (لذوي التقى) (١).
وقال قتادة: (لذوي الورع) (٢). وهذا معنى وليس بتفسير، وذلك أن ذا العقل يكون ورعًا تقيًا، ليس أن النهي تكون بمعنى الورع والتقى. وقال أهل المعاني: (إنما اختص أولو النهى؛ لأنهم أهل الفكر والاعتبار والتدبر والاتعاظ) (٣).
٥٥ - قوله تعالى: ﴿مِنْهَا﴾ أي: من الأرض، وجرى ذكرها عند قوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ [طه: ٥٣]، ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ يعني خلق آدم من الأرض والبشر كلهم منه (٤).
﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ أي: بعد الموت ﴿وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ يريد عند البعث، يعني كما أخرجكم أولًا عند خلق آدم من الأرض. قال الزجاج: (لأن إخراجهم وهم تراب بمنزلة خلق آدم من تراب، فكأنه قال -والله أعلم-: ومنها نخلقكم تارة أخرى) (٥). ومضى الكلام في تارة عند قوله: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى﴾ [الإسراء: ٦٩].
٥٦ - وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ﴾ يعني فرعون ﴿آيَاتِنَا كُلَّهَا﴾ يعني الآيات التسع ومضى تفصيلها (٦). ﴿فَكَذَّبَ﴾ نسب جميع ذلك إلى الكذب،

(١) "الكشف والبيان" ٣/ ١٩ أ، "الدر المنثور" ٤/ ٥٣٩.
(٢) "الكشف والبيان" ٣/ ١٩ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٨، "الدر المنثور" ٤/ ٥٣٩.
(٣) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ٢/ ١٨١ والزجاج في "معاني القرآن" ٣/ ٣٥٩.
(٤) ويشهد لهذا قوله سبحانه ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩].
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٠.
(٦) عند قوله سبحانه وتعالي: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾ [الإسراء: ١٠١].


الصفحة التالية
Icon