وروى أبو نضرة (١) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم تُميتهم النار إماتة حتى يصيروا فحمًا، ثم يخرجون ضبائر (٢) فيلقون على أنهار الجنة، فيرش عليهم من أنهار الجنة، حتى ينبتوا كما تنبت الحبة في حميل السيل) (٣) (٤).
قال المبرد: (تأويل قوله: ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ لا يموت ميتة مريحة، ولا يحيى حياة ممتعة، وهو يألم كما يألم الحي ليفهم ذلك، ويبلغ بهم حالة الموتى في المكروه، إلا أنه لا يبلغ الحالة التي يبطل فيها عن الفهم، والعرب تقول: فلان لا حي ولا ميت، إذا كان غير منتفع بحياته، وكذلك يقولون لمن يكلم ولم يبلغ حاجته: تكلمت ولم تتكلم، أي: لم

(١) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي، العوفي، البصري، من الطبقة الوسطى، من علماء التابعين، وثقه عدد من العلماء، وشهدوا له بالصلاح والتقوى. توفي -رحمه الله- سنة ١٠٨ هـ انظر: "تهذيب التهذيب" ١٠/ ٣٠٢، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ١٢٩، "تقريب التهذيب" ٢/ ٢٧٥.
(٢) الضبائر: جماعات الناس، يقال: رأيتهم ضبائر أي: جماعات.
انظر: "تهذيب اللغة" (ضبر) ٣/ ٢٠٨٧، "مقاييس اللغة" (ضبر) ص٣٨٦، "الصحاح" (ضبر) ٢/ ٧١٨، "لسان العرب" (ضبر) ٤/ ٢٥٤٧.
(٣) حميل السيل: ما حمله السيل من الغثاء والطين، وكل محمول فهو حميل.
انظر: "تهذيب اللغة" (حمل) ١/ ٩٢٥، "الصحاح" (حمل) ٤/ ١٦٧٨، "القاموس المحيط" (حمله) (٩٨٧)، "لسان العرب" (حمل) ٢/ ١٠٠١.
(٤) أخرجه النسائي في "سننه" كتاب التطبيق، باب: موضع السجود ٢/ ١٦٣، والترمذي في صفة جهنم، باب: (١٠) ٤/ ٦١٥، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة في الرقاق، باب: ما يخرج الله من النار برحمته ٢/ ٢٣٨، وأورده في "الدر المنثور" ٢/ ٥٤٢، وزاد نسبته لابن مردويه عن أبي سعيد.


الصفحة التالية
Icon