صدقًا لإيتاء الكتاب (١). ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾ مدة مفارقتي إياكم (٢) ﴿أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ بعبادتكم العجل، وتلخيص المعنى: أم أردتم أن تصنعوا صنعًا يكون سبب غضب ربكم؛ لأن أحدًا لا يتطلب غضب ربه، ولكن قد يأتي سبب ذلك ﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ ما وعدتموني من حسن الخلافة بعدي، هذا في قوله: ﴿بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾ [الأعراف: ١٥٠].
وقال مجاهد: (﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ قال عهدي) (٣). يعني ما عهد إليهم موسى وأوصاهم به من الإقامة على طاعة الله. وقيل في التفسير: (﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ أي: تركتم السير على أثري) (٤). وهذا إنما يصح لو روي أن موسى وعدهم ذلك، ولم نر في شيء من الروايات أن موسى وعد قومه: أن يسيروا على أثره.
وقال ابن الأنباري: (﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ أي: نسبتموه إلى الخلاف) (٥). يعني وعده بالرجوع إليهم.
٨٧ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ قال قتادة:
(٢) "الكشف والبيان" ٣/ ٢٣ أ، "بحر العلوم" ٢/ ٣٥١، "النكت والعيون" ٣/ ٤١٨، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٨٩، "زاد المسير" ٥/ ٣١٣.
(٣) "زاد المسير" ٥/ ٣١٣، "التفسير الكبير" ٢٢/ ٢٠٢، "تفسير مجاهد" ٤٦٤.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ١٩٦، "تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٤٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٣٤.
(٥) ذكر نحوه بلا نسبة القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٣٤، والرازي في "التفسير الكبير" ٢٢/ ١٠٢.