وهذا معنى ما ذكره قتادة في قوله: ﴿لَا مِسَاسَ﴾ قال: (عقوبة لهم) (١). ومعنى: أن ذلك في الحياة أي: أنك ما دمت حيًّا تعاقب بهذه العقوبة فإذا صرت إلى الآخرة جوزيت بما تستحق، وهو قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا﴾ قال ابن عباس: (يريد موعد القيامة) (٢). والموعد هاهنا هصدر يعني أن لك وعدًا لعذابك ﴿لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ وقرئ: بفتح اللام (٣)، فمن كسر اللام كان المعنى: لن تخلف ذلك الوعد أي: ستأتيه ولا مذهب لك عنه، ومن فتح اللام كان المعنى: لن تخلف ذلك الوعد أي: سيأتيك به الله ولن يتأخر عنك.
قال أبو إسحاق: (أي يكافئك الله على ما فعلت في القيامة والله لا يخلف الميعاد. ومن قرأ: ﴿لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ فالمعنى: أنك تبعث وتوافي القيامة لا تقدر على غير ذلك) (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ قال ابن عباس: (يريد الذي طفقت تعبده وظللت عليه مقيمًا) (٥). وظلْتَ أصله. ظلَلت.
(٢) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٢ بدون نسبة.
(٣) قرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: (لن تخلَفه) بفتح اللام. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: (لن تخلِفه) بكسر اللام. انظر: "السبعة" ص ٤٢٤، "الحجة" ٥/ ٢٤٩، "حجة القراءات" ص ٤٦٣، "التبصرة" ص ٢٦١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٥.
(٥) "جامع البيان" ١٦/ ٢٠٧، "زاد المسير" ٥/ ٣١٩، "فتح القدير" ٣/ ٥٤٩.