هذا نهى عن تلاوة الآية التي تنزل عيه، وإملائه على أصحابه قبل أن يتبين له معناها.
وهذا معنى رواية عطية عن ابن عباس قال: (لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله) (١).
وذكر بعض أهل التفسير أن معنى هذه الآية: (لا تسأل إنزال القرآن من قبل أن يأتيك وحيه) (٢). وروى جرير (٣) عن الحسن في سبب نزول هذه الآية: (أن رجلاً لطم امرأته، فجاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تطلب القصاص فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما القصاص، فأنزل الله هذه الآية، فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلت: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣٤]) (٤). ولا تعلق لهذه الآية في القصة التي ذكرها الحسن حتى يقال إنها نازلة فيها، إلا لقوله: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم بالقصاص، وأبى الله ذلك وأنزل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ وقد تقدم بيانه (٥). وأمره في هذه الآية

(١) "جامع البيان" ١٦/ ٢٢٠، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٥ ب.
(٢) "النكت والعيون" ٢/ ٤٢٩، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٥٠.
(٣) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي، البصري أحد التابعين وعد من صغارهم، روى عن: الحسن وابن سيرين وقتادة وغيرهم وروى عنه: ابنه وابن المبارك وغيرهما، وثقة أكثر العلماء، توفي -رحمه الله- سنة ١٧٥.
انظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ٥٠٤، "ميزان الاعتدال" ١/ ٣٩٢، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٦٩.
(٤) "بحر العلوم" ٣٥٦/ ٢، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٥٠، "الدر المنثور" ٤/ ٥٥٣، "لباب النقول في أسباب النزول" ٦٨.
(٥) عند قوله سبحانه في سورة النساء الآية رقم (٣٤): ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon