وقال أبو عبيدة: (اللزام: الفيصل) (١).
ونحو هذا روى ثعلب عن ابن الأعرابي: (اللَّزْمُ: فصل الشيء من قوله تعالى: ﴿لَكَانَ لِزَامًا﴾ أي: فيصلاً) (٢). وعلى هذا معنى الآية: لكان العذاب فصلاً بينك وبين قومك، أي: لوقع الفصل بتعذيبهم، وتخبط المفسرون في تفسير اللِّزَام فقالوا: (أخذا وموتًا، وعذاب يوم بدر) (٣) (٤). وكلل ذلك وَهْم لا يصح تفسير اللزام به، وتصحيحه أن يقال: لكان الأخذ أو الموت أو القتل كما وقع ببدر لزامًا، أي: لازما لهم فالذي ذكروا في تفسير اللزام هو تفسير المضمر من اسم كان لا تفسير اللزام (٥).

(١) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٣٢.
(٢) "تهذيب اللغة" (لزم) ٤/ ٣٢٦٠.
(٣) بدر: هو ماء مشهور بين مكة والمدينة، أسفل وادي الصفراء، بينه وبين المدينة ثمانية وعشرون فرسخًا، وفيه حصلت الموقعة المشهورة بين المسلمين وكفار قريش في رمضان سنة ٢ للهجرة، وبدر الآن فيها إمارة متابعة لإمارة المدينة المنورة، وغالب سكانها بنو سالم بن حرب.
انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٢٣١، "معجم البلدان" ١/ ٣٥٧، "معجم المعالم الجغرافية" ٤١، "مراصد الاطلاع" ١/ ١٧٠، "قاموس الأمكنة والبقاع" ص ٤٦.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣٢، "النكت والعيون" ٣/ ٤٣٢، "المحرر الوجيز" ١٠/ ١١١، "زاد المسير" ٥/ ٣٣٣، "الدر المنثور" ٤/ ٥٥٩.
(٥) قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" ١٦/ ٢٣٢: (ولولا كلمة سبقت من ربك يا محمد أن كل من قضى له أجلاً فإنه لا يخترمه قبل بلوغه أجله ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يقول وقت مسمى عند ربك سماه لهم في أم الكتاب وخطه فيه هم بالغوه ومستوفوه لكان لزامًا يقول للازمهم الهلاك عاجلاً).
وانظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢٠٩، "غريب القرآن" ٢٨٣، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٥، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٨٠.


الصفحة التالية
Icon