وقوله تعالى: ﴿أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ قال أبو إسحاق: (﴿أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ بدل من الهاء لاشتمال الذكر على الهاء في المعنى، وما أنساني أن أذكره إلا الشيطان) (١). قال ابن عباس: (يريد أن أحدث بقصة الحوت) (٢). وهذه الآية تدل على صحة قول المفسرين في قوله: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾ قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: (اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا) (٣). ونحو هذا قال قتادة، ومجاهد، وابن زيد (٤). وقد ذكرنا: أن مسلك الحوت لم يلتئم فدخل موسى ذلك المسلك. وينتصب ﴿عَجَبًا﴾ على هذا بوقوعه موقع الحال، كأنه قيل: واتخذ موسى سبيل الحوت عاجبًا من ذلك الأمر (٥).
قال مجاهد: (تعجب موسى من أثر الحوت في البحر ودورانه التي غاب فيها) (٦).
وقال ابن زيد: (أي شيء أعجب من حوت كان دهرًا من الدهور يؤكل منه، ثم صار حيًا حتى مشى في البحر) (٧). وهذا القول اختيار الفراء

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٠.
(٢) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٨، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ أ، "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٥، "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٢٧١، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٥٤ - ٣٥٥، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٤.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٥.
(٤) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٥، "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٤٧٢.
(٥) "إملاء ما من به الرحمن" ص ٤٠٢، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٤٥، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٨٤.
(٦) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٨٤.
(٧) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٥،"معالم التنزيل" ٥/ ١٨٧.


الصفحة التالية
Icon