نُّكْراً} على المفعول به؛ لأن المعنى: أتيت شيئًا نكرا. قال الزجاج: (ويجوز أن يكون معناه جئت بشيء نكر، فلما حذف الباء أمضى الفعل فنصب) (١).
٧٦ - قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا﴾ قال أهل المعاني: أراد إن سألتك سؤال توبيخ وإنكار، كما قال في السفينة: ﴿أَخَرَقْتَهَا﴾ وفي الغلام: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا﴾ وذاك أن السؤال على وجوه: منه ما هو: طلب الأخبار عن المعنى للفائدة، ومنه ما هو: للتقرير، ومنه ما هو: للتوبيخ. والكناية في قوله: ﴿بَعْدِهَا﴾ تعود إلى النفس المقتولة.
وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِى عُذرًا﴾ قال ابن عباس: (يريد أنك قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبرا) (٢). وقال أهل المعاني: (هذا إقرار من موسى بأن الخضر قد قدم إليه ما يوجب العذر عنده، فلا يلزمه ما أنكر) (٣).
وروي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الآية فقال: "استحيا نبي الله موسى عندها، ولو صبر لرأى ألفا من العجائب" (٤).
(٢) "زاد المسير" ٥/ ١٧٥.
(٣) ذكره نحوه "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٦٧، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٨٦.
(٤) أخرجه البخاري في التفسير، سورة الكهف ٨/ ٤٠٩، ومسلم في الفضائل، باب فضائل الخضر ٤/ ١٨٥١، وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" ١٥/ ١٨٦، والترمذي في الدعوات، باب ما جاء أن الداعي يبدأ بنفسه ٥/ ٤٦٣، وأبو داود في "سننه" كتاب الحروف والقراءات ٤/ ٢٨٦، وابن أبي شيبة في "المصنف" ١٠/ ٢١٩، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥٧٤، وأورده السيوطي في "الدر" ٤/ ٤٢٨.