قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧] فأعلم أنهم لا يتوبون أبدًا، وكذلك ﴿أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ معناه: قد علم منهم أنهم لا يتوبون. هذا كلامه (١).
ونحتاج في هذا إلى شرح، وهو أن نقول: معنى هذا القول: وحرام على قرية حكمنا عليها بالهلاك -لعلمنا بأنهم لا يرجعون عن كفرهم- أن قبل منهم طاعة أو نثيبهم على عمل. فنحتاج إلى تقدير لام في (أنهم) كما قدر أبو علي باء وإلى إضمار خبر المبتدأ كما أضمره هو. وذكر (٢) قوله: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ احتجاجًا بأن قوله: ﴿أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ معناه: لا يرجعون من الشرك لحكم الله عليهم [بذلك كما قال] (٣) ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ الآية، واحتج على أن الله لا يقبل عمل كافر بقوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ١] وهذا الذي ذهب إليه أبو إسحاق معنى قول [قتادة (٤). هذا كله إذا جعلت] (٥) (لا) في قوله: ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ غير زائدة (٦).
(٢) يعني الزجاج، وليس عند الزجاج الاحتجاج بهذه الآية بل فيه قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ انظر: "المعاني" ٣/ ٤٠٥.
(٣) ما بين المعقوفين بياض في (ت).
(٤) ذكره عنه السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٧٣ وعزاه لابن أبي حاتم وابن المنذر. وانظر: "تفسير ابن كثير" ٣/ ١٩٤.
(٥) ما بين المعقوفين بياض في (ت).
(٦) وفي الآية وجه آخر حسن تكون فيه (لا) غير زائدة، و (حرام) على بابها. وهو أن الله -عز وجل- قال في الآيات التي قبل هذه الآية ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ فبين-عز وجل- أن الخلق راجعون إليه وأنه لا كفران لسعي أحد. ثم=