ثم قيل للمكاتبة: مساجلة؛ لأنَّ المبتدئ يكتب مرة والمجيب أخرى، ولما قيل للكاتبة مساجلة قيل للكتاب: سِجل، وسَجَّل أي: كتب السجل.
هذه أربعة أقوال في السجل. وعلى الأقوال الثلاثة المتقدمة (١) قوله: ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ﴾ المصدر مضاف إلى الفاعل، والمراد بالكتاب وبالكتب علي اختلاف القراءتين (٢): الصحائف كما تقول: كطي زيد الكتب، ومن أفرد فإنه واحد يراد به الكثرة. وتكود اللام (٣) في (للكتاب) زائدة كالتي في: ﴿رَدِفَ لَكُم﴾ [النمل: ٧٢]. هذا كلام أبي علي (٤).
وعلى القول الرابع (٥) المصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل (٦) محذوف عن (٧) اللفظ كقوله: ﴿بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ﴾ [ص: ٢٤] والتقدير: كطي الطاوي السجل، فحذف الطاوي وأضيف المصدر إلى المفعول، كما أن المعنى في سؤال نعجتك: بسؤاله نعجتك. وقوله تعالى: ﴿لِلْكُتُبِ﴾ أي: لدرج (٨) الكتب، فحذف المضاف، والمراد بالكتب والكتاب: المكتوب. هذا كله قول أبي علي (٩).

(١) يعني أن السجل ملك، أو كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو الرجل بلغة الحبشة.
(٢) قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: "للكُتُب" على الجمع والكاف والتاء مضمومتان وقرأ الباقون "للكتاب" على التوحيد.
"السبعة" ص ٤٣١، "التَّبْصرة" ص ٢٦٤، "التيسير" ص ١٥٥.
(٣) اللام: ساقطة من (أ).
(٤) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٢٦٤.
وانظر: "حجّة القراءات" لابن زنجلة ص٤٧٠ - ٤٧١، ٢/ ١١٤ - ١١٥.
(٥) يعني أن السجل: الصحيفة.
(٦) (والفاعل): ساقط من (د)، (ع).
(٧) في "الحجة" ٥/ ٢٦٤: من.
(٨) درج الكتاب: طيه وداخله. "تاج العروس" للزبيدي ٥/ ٥٥٦ (درج).
(٩) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٢٦٤ مع تصرف.


الصفحة التالية
Icon