وما هم بسكارى من الشراب (١). وهذا قول ابن عباس (٢)، وجميع المفسرين (٣).
وقال أهل المعاني: وترى (٤) الناس كأنهم سكارى من ذهول عقولهم لشدة ما يمر بهم فيضطربون اضطراب السكران من (٥) الشراب (٦). يدل على صحة هذا قراءة من قرأ "وتُرَى (٧) الناس" بضم التاء (٨). أي: تَظُنّهم.
قال الفرّاء -في هذه القراءة-: وهو وجه جيّد (٩).
وحكى صاحب النظم عن بعض النحويين: أن قوله (ترى) كلمة موضوعة على الإفراد وتأويلها التشبيه، كأنَّه -عَزَّ وَجَلَّ- قال: وكأنَّ الناس سكارى. واحتج بقول: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾ [العلق: ١١] معنى ﴿أَرَأَيْتَ﴾ هاهنا للتنبيه على السؤال والإجابة، وكذلك قوله: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء: ٦٢] وقد مرَّ. قال: ولا ينكر أن تكون "ترى" كلمة ضمنت
(٢) ذكره عنه الرازي في "تفسيره" ٢٣/ ٤.
(٣) انظر الطبري ١٧/ ١١٥، و"الدر المنثور" للسيوطي ٦/ ٧ - ٨
(٤) وفي (ظ): (ويرى).
(٥) في (ظ): (في)، وهو خطأ.
(٦) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٣/ ٥٤٦ باختصار، وعزاه لأهل المعاني.
(٧) في (ظ): (ويرى).
(٨) نُسبت هذه القراءة لأبي هريرة، وأبي زرعة بن عمرو بن جرير، وأبي نهيك وقراءة الجمهور: "وترى" بفتح التاء.
"الشواذ" لابن خالويه ص ٩٤، "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٨٥، "الكشف والبيان"
للثعلبي ٣/ ٤٦ ب، القرطبي ١٢/ ٥، "البحر المحيط" ٦/ ٣٥٠، "الدر المصون" ٨/ ٢٢٤.
(٩) "معانى القرآن" للفراء ٢/ ٢١٥.