١٠ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ قال أبو إسحاق: المعنى: يقال له هذا العذاب بما قدمت يداك، وموضع "ذلك" رفع بالابتداء، وخبره ﴿بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾، وموضع "أنَّ" من قوله ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ خفض؛ لأن المعنى: بما قدمت وبأنّ الله. قال: ويجوز أن يكون موضع "ذلك" رفعًا على خبر الابتداء، المعنى: الأمر ذلك بما قدمت يداك، ويكون موضع "أنَّ" الرفع على معنى: والأمر أنَّ الله ليس بظلام للعبيد (١).
وأبطل أبو علي أن يكون "ذلك" خبر الابتداء؛ لأنَّ الجار يبقى غير متعلق بشيء. والقول في هذه الآية كالقول في قوله ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ لا فصل بينهما وإذا بطل هذا بطل أن يكون موضع "أنَّ" في قوله ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ رفعًا؛ لأنه إذا لم يجز إضمار الأمر الذي يكون مبتدأ لقوله ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ لم يجز إضماره هاهنا، وإذا لم يجز ذلك كان موضعه جرًا بالعطف (٢) على "ما" المنجر بالباء (٣).
وأما معنى هذه الآية فهو مما ذكرناه في سورة الأنفال عند قوله ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [الأنفال: ٥١].
١١ - قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ أكثر المفسرين على أن المعنى: على شك (٤).

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٤.
(٢) في (أ): (جوابًا لعطف).
(٣) كلام أبي علي في "الإغفال" ٢/ ١٠٤٨ - ١٠٤٩.
(٤) انظر الطبري ١٧/ ١٢٣، والدر المنثور ٦/ ١٤.


الصفحة التالية
Icon