وموضع "من" رفع، والخبر مضمر. ولا يجوز أن يكون الخبر ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾ أعني خبر "لمن" لأن الكافر المتمسك بعبادة الأصنام لا يقول للصنم لبئس المولى (١).
وزاد أبو الفتح لهذا القول بيانًا فقال: "يدعو" بمنزلة (٢) يقول، أي يقول لمن ضره أقرب من نفعه إله (٣) أو رب، فتكون "من" (٤) مرفوعة بالابتداء، وخبرها محذوف مقدر، ويدل على أن "يدعو" بمنزلة يقول قول عنترة:
يدعون عنترة أي يقولون: يا عنترة، فدل يدعون عليها.
فإن قيل: فلم جعلوا خبر "من" محذوفا دون أن يكون قوله ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾ كما أجزتم في القول الثاني؟ قيل: إنَّ الكفار ليسوا (٥) يقولون لمن يدعونه إلها: لبئس المولى، ولو قالوا ذلك لما عبدوه.
ومعنى ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾ ذم لمعبودهم لا على الحكاية عنهم ولكن على الإخبار، أخبر الله تعالى أن من ضره أقرب من نفعه فإنَّه بئس المولى. فإنْ قيل: فإذا كان الأمر كذلك فكيف جاز أن يقول يدعو بمعنى يقول لمن ضره أقرب من نفعه إله، والكافر لا يقول ذلك؟ قيل: إنَّ ذلك على حكاية (٦) قولنا (٧) نحن فيه أي يقول لمن ضره أقرب من نفعه عندنا وفي قولنا إله عنده.

(١) "الإغفال" لأبي علي الفارسي ٢/ ١٠٧١ - ١٠٧٢ مع تصرف.
(٢) في (أ): (يميله).
(٣) إله: ساقطة من (ظ).
(٤) من: ساقطة من (أ).
(٥) (ليسوا): ساقطة من (ظ).
(٦) في (ظ)، (د)، (ع): (الحكايهَ).
(٧) في (ظ): (وقولنا).


الصفحة التالية
Icon