قوله تعالى: ﴿هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ﴾ أي: صنيعه وحيلته ﴿مَا يَغِيظُ﴾ (ما) بمعنى المصدر، أي: هل يذهبن كيده غيظه؟ ويجوز أن يكون (ما) بمعنى: (الذي)، والمعنى (١): هل يذهبن كيده الذي يغيظه؟ (٢).
والأول قول الفراء والزجاج (٣). ويقال: غظتُ فُلانًا أغيظُه غَيْظًا (٤).
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي: غاظهُ وأغَاظَهُ وغَيَّظه بمعنى واحد (٥).
وشرح ابن قتيبة هذه الآية على هذا القول بأبلغ بيان فقال: كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطؤون ما وعد الله رسوله (٦) من النصر، وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون أن لا يتم له أمره، فقال الله ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾ يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على مذهب العرب في الإضمار لغير مذكور (٧)، وهو يسمعني أعده النصر والإظهار والتمكين، أو كان (٨) يستعجل به قبل الوقت الذي قضيت أن يكون ذلك فيه ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾ أي: بحبل ﴿إِلَى السَّمَاءِ﴾ يعني سقف البيت، وكل شيء علاك (٩) وأظلك فهو سماء، والسحاب: سماء، يقول
(٢) "تفسير الطبري" ١٧/ ١٢٨، "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٤٨ ب.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢١٨، و"معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٧.
(٤) "تهذيب اللغة" للأزهري ٨/ ١٧٣ (غاظ) نقلاً عن الليث. وهو في "العين" ٤/ ٤٣٩ (غيظ).
(٥) "تهذيب اللغة" للأزهري ٨/ ١٧٣ (غاظ) عن ثعلب، عن ابن الأعرابي.
(٦) في (أ): (ورسوله)، وما أثبتناه هو الموافق للمشكل ص ٣٥٨.
(٧) العبارة في (ظ)، (د)، (ع): (لغيره في الإضمار مذكور. وهي عبارة غير مفهومة.
(٨) في (ظ)، (د)، (ع): (إذ كان)، وفي "المشكل" ص ٣٥٨: (وإن كان.
(٩) في (أ): (وكل ما علاك)، والمثبت هو الموافق للمشكل ص ٣٥٨.